« فلمّا رجع عليّ استقبله الناس فقالوا له : إنّ أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر ، فقال عليّ : غَضَبَ الخيل على اللُجُم : فلمّا كان بالعشيّ جاء إلى عثمان فقال له : ما حملك على ما صنعت بمروان ؟ ولم اجترأت عليّ ورددت رسولي وأمري ؟ قال : أمّا مروان فأنه استقبلني يردني فرددته عن ردي ، وأمّا أمرك فلم أردُه ، قال عثمان : ألم يبلغك أنّي قد نهيت الناس عن أبي ذر وعن تشييعه ؟ فقال عليّ : أو كلّ ما أمرتنا به من شيء نرى طاعة الله والحقّ في خلافه اتبّعنا أمرك ؟ بالله لا نفعل.
قال عثمان : أقد مروان ، قال : ومم أقيده ؟ قال : ضربت بين أذني راحلته وشتمه فهو شاتمك وضارب بين أذني راحلتك. قال عليّ : أمّا راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل. وأمّا أنا فوالله لئن شتمني لأشتمنّك أنت مثلها بما لا أكذب فيه ، ولا أقول إلّا حقاً.
قال عثمان : ولم لا يشتمك إذا شتمته ، فوالله ما أنت عندي بأفضل منه ؟
فغضب عليّ بن أبي طالب وقال : ألي تقول هذا القول ؟ وبمروان تعدلني ؟
فأنا والله أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأمي أفضل من أمك ، وهذه نبلي قد نثلتها. وهلمّ فانثل بنبلك ، فغضب عثمان واحمرّ وجهه ، فقام ودخل داره ، وانصرف عليّ واجتمع إليه أهل بيته ورجال من المهاجرين والأنصار.
فلمّا كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم عليّاً وقال : إنّه يعيبني ويظاهر من يعيبني يريد بذلك أبا ذر وعمّار وغيرهما. فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا وقال له عليّ : والله ما أردت بتشييع أبي ذر إلّا الله تعالى … اهـ
مروج الذهب ۲ / ۳٥۰