روى الشّيخ أبي جعفر ابن رستم الطبري الشّيعي (رضي الله عنه) بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال:
“رأيت أمير المؤمنين عليه السلام وهو في بعض أزقّة المدينة يمشي وحده، فسلّمت عليه واتبعته حتى انتهى إلى دار الثاني، وهو يومئذ خليفة، فاستأذن فأذن له، فدخل ودخلت معه، فسلّم على الثاني وجلس، فحين استقرت به الأرض قال له: من علّمك الجهالة يا مغرور، أما والله، ولو ركبت القفر ولبست الشعر لكان خيرا لك من المجلس الذي قد جلسته، ومن علوك المنابر، أما والله، لو قبلت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأطعت ما أمرك به، لما سميت أمير المؤمنين، ولكأنّي بك قد طلبت الإقالة كما طلبها صاحبك، ولا إقالة.
قال: صاحبي طلب منك الإقالة؟
قال: والله، إنك لتعلم أن صاحبك قد طلب مني الإقالة، ولم أقله، وكذلك تطلبها أنت، ووالله لكأني بك وبصاحبك وقد أُخرجتما طريّين حتّى تُصلبا بالبيداء.
فقال له الثاني: ما هذا التكهّن، فإنكم يا معشر بني عبد المطلب، لم تزل قريش تعرفكم بالكذب، أما والله لا ذقت حلاوتها وأنا أطاع.
قال له: إنّك لتعلم أنّي لست بكاهن.
قال له: من يعمل بنا ما قلت؟
قال: فتى من ولدي، من عصابة قد أخذ الله ميثاقها.
فقال له: يا أبا الحسن، إني لأعلم أنّك ما تقول إلّا حقًّا؛ فأسألك بالله أن رسول الله سمّاني وسمّى صاحبي؟
فقال له: والله، إن رسول الله سمّاك وسمّى صاحبك.
قال: والله، لو علمت أنّك تريد هذا، ما أذنت لك في الدخول. ثم قام فخرج؛ فقال لي: يا أبا الطفيل اسكت. فوالله ما علم أحد ما دار بينهما حتّى قُتل الثاني، وقُتل أمير المؤمنين (عليه السلام)”.
المصدر:
محمّد بن جرير بن رستم الطبري، دلائل الإمامة، (ط2، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، 1408/ 1988)، ص253-254.