ابوذر يكشف قول الرسول في عثمان بن عفان ويفضحه

ذكر البلاذري قول قتادة : « تكلم أبو ذر بشيء كرهه عثمان فكذّبه ـ أقول : سيأتي في كلام الجاحظ ما كتمه البلاذري وكرهه عثمان ـ فقال : ما ظننت أنّ أحداً يكذبني بعد قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ( ما أقلت الغبراء ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ). ثمّ سيّره إلى الربذة فكان أبو ذر يقول : ما ترك الحقّ لي صديقاً ، فلمّا سار إلى الربذة قال : ردّني عثمان بعد الهجرة اعرابياً »

أنساب الأشراف ۱ ق ٤ / ٥٤٤

أن أبا ذر لمّا دخل على عثمان قال له : لا أنعم الله بك عيناً يا جنيدب ، فقال أبو ذر : أنا جندب وسماني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله فاخترت اسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي سماني به على اسمي. فقال له عثمان : أنت الّذي تزعم أنا نقول يد الله مغلولة وان الله فقير ونحن اغنياء ؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكني أشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه  وسلّم يقول : ( إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً ، وعباده خِولاً ، ودينه دخلاً ).

فقال عثمان لمن حضر : أسمعتموها من رسول الله ؟ قالوا : لا ، قال عثمان : ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله. فقال أبو ذر لمن حضر : أما تدرون أنّي صدقت ؟ قالوا : لا والله ما ندري. فقال عثمان : اُدعوا لي عليّاً ، فلمّا جاء قال عثمان لأبي ذر : أقصص عليه حديثك في بني أبي العاص ، فأعاده. فقال عثمان لعليّ عليه السلام : أسمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؟ قال : لا وقد صدق أبو ذر. فقال : كيف عرفت صدقه ؟ قال : لأنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه  وسلّم يقول : ( ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ). فقال من حضر : أمّا هذا فسمعناه كلنا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال أبو ذر : أحدّثكم أنّي سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه  وسلّم فتتهمونني ، ما كنت أظن انّي أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم

شرح النهج لابن أبي الحديد ۲ / ۳۷۷ ط مصر الأولى