إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أن يوم الظهور هل هو انتصار عسكري أو هو انتصار فكري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

    أن يوم الظهور هل هو انتصار عسكري أو هو انتصار فكري

    بسم الله الرحمن الرحيم






    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



    قد يتصور كثير من الباحثين أن عصر الظهور هو عصر الانتصار العسكري بمعنى أن الدين يفرض على الأرض كلها بلغة القوة وبلغة السلاح وبالتالي فرض الدين على الأرض كلها بلغة القوة وبلغة السلاح أمر لا يتناسب مع كونه اليوم الموعود كيف؟!
    يقول بعض الباحثين المستفاد من بعض الآيات الشريفة أن اليوم الموعود هو يوم عسكري مثلاً قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ معناه هناك فئة كارهة يعني هناك فئة معارضة لظهور الدين ومع ذلك فرض عليها الدين إذاً معناه أن الفرض سوف يكون بقوة السلاح وليس بالفكر والقناعة مثلاً قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ يدل على أن هناك فئة كارهة لظهور الدين على الدين كله فالدين سيفرض عليها بالقوة مثلاً قوله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ كل هذه الآيات توحي بأن يوم الظهور هو يوم غلبه عسكرية يفرض فيها الدين على الأرض كلها بمنطق القوة لا بلغة الفكر والقناعة وهذا لا ينسجم مع طبيعة الفكر الإسلامي لماذا؟!
    لا، الفكر الإسلامي أي فكر الآن لا يفرض بالقوة إلا إذا كان الفكر فيه خلل وإلا إذا كان الفكر لا يوجد فيه خلل لا يحتاج أن تفرضه بالقوة أنت كل فكر لا يفرض بالقوة على المجتمع الإنساني إلا إذا كان في الفكر خلل يعوض نقصه بفرضه بالقوة بينما الفكر الإسلامي هو من جهة فكر كامل لقول القرآن الكريم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾ ومن جهة أخرى الفكر الإسلامي فكر متطابق مع الفطرة السليمة القرآن الكريم يقول: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فطرت اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ بما أن الدين والفكر الإسلامي فكر كامل ومتطابق مع الفطرة الإنسانية السليمة فلماذا يفرض بالقوة؟!
    إذاً ظاهر هذه الآيات أن اليوم الموعود يوم عسكري ينتصر فيه الدين انتصار عسكري وهذا لا ينسجم مع كون الفكر الإسلامي فكر عرض لأجل أن يقتنع به الناس ولئن تقبل عليه أبناء المجتمع الإنساني هذه الشبهة التي ذكرها بعض الباحثين نحن نجيب عنها.
    نذكر هنا أمرين:
    الأمر الأول:أن الفكر الإسلامي أو الفكر الديني بصفة عامة لا يمكن فرضه بالقوة ولا بلغة منطق السلاح لماذا؟!
    أولاً: لأنه الدين شيء لا يمكن الأكره عليه الدين من الأمور الوجدانية لا من الأمور الخارجية الصلاة الحج هذا أمر خارجي لكن هذا ليس هو الدين هذا مظهر للدين الصلاة مظهر للدين الحج مظهر للدين ليس هذا هو الدين، الدين أمر وجداني موطنه القلب لأنه القلب هي المنطقة التي تكون وعاء للأمور الوجدانية إذاً الدين مجموعة من الاعتقادات ومجموعة من الأمور الوجدانية موطنها القلب والقلب لا يمكن السيطرة عليه من أي قوة في العالم القلب هو المنطقة الوحيدة في العالم الحرة إذا كان هناك منطقة حرة في العالم فهي القلب، القلب هي المنقطة الحرة الوحيدة في العالم كله حيث لا يمكن لأحد السيطرة على هذا القلب لأنه القلب مجموعة من الوجدانيات والخواطر والمعتقدات ولا يمكن لأحد السيطرة عليها لا يمكن لك أن تجبرني على أن أحبك ولا يمكن لك أن تجبرني على أن أبغضك هذه الميول الوجدانية لا يمكن السيطرة عليها ولا يمكن التحكم فيها لذلك ورد عن الإمام أمير المؤمنين : ”لو ضربت خيشوم المؤمن بالسيف على أَن يبغضني ما أَبغضني، ولو ضربت خيشوم المنافق على أَن يحبني ما أَحبني“ السيطرة على القلب غير ممكنة لأي إنسان.
    إذاً القلب منطقة حرة لا يمكن السيطرة عليها لأجل ذلك لا يمكن السيطرة على الدين لأنه الدين موطنه القلب فالدين أصلاً لا يعقل الأكره عليه ولأجل ذلك هذه القضية مستحيلة أن تقول يفرض الدين بالقوة كيف يفرض الدين موطنه القلب والقوة لا تسيطر على القلب مهمة بلغت لأجل ذلك الدين لا يمكن تغيره أبو الأسود الدؤلي أحد أصحاب الإمام علي لما قتل الإمام علي بدء معاوية يلتقط أصحاب الإمام علي واحد بعد واحد هناك من صفيه هناك من يجلبه بالأموال هناك من يتركه يعيش حالة من الإرهاب والخوف والقلق كل واحد يعامله معاوية بحكم جهازه ألاستخباري معاملة خاصة فأرسل إلى أبو الأسود الدؤلي يستمليه إليه أرسل إليه شيء من الحلوة المعطرة بالعسل حلوة خاصة وصلت إليه وضعها أبو الأسود في مكان أقبلة طفلته الصغيرة وأخذت شيء من الحلوة وضعتها في فمها التفت إليها أبو الأسود الدؤلي قال: يا بنتي اقذفيها فأنها سم زعاف بعثه إلينا معاوية أبن أبي سفيان ليستميل قلوبنا عن علي أبن أبي طالب الطفلة رامت ذلك من فمها وقالت تخاطب معاوية أبن أبي سفيان:


    أبا لشهد المزعفر يا ابن هند
    فلا والله ليس يكون هذا


    نبيع عليك إسلاماً ودينا
    ومولانا أمير المؤمنينا.

    إذاً القلب منطقة لا يعقل السيطرة عليها فالدين أصلا لا يعقل الأكره عليه هذا أولاً.

    ثانياً: إذا قرائنا هذه الآية وبالذات هذه الجملة﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ «لماذا؟!» قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ﴾ بمعنى أن الدين أصلاً لا يحتاج إلى أكراه كل فكر قوي لا يحتاج أن تكره الناس عليه كل فكر قوي الفكر أين يأخذ قوته؟! لا يأخذ قوته من الدولة لا يأخذ قوته من السلاح الفكر يأخذ قوته من المنطق الذي يدعمه كل فكر يدعمه المنطق العقلي ويدعمه البرهان فهو فكر قوي والفكر القوي لا يحتاج إلى أن يفرض بالقوة هو ينتشر أوتوماتيكي بحكم قوته وبحكم قاطعيته وهذا هو معنى الآية: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ﴾ يعني أن الفكر الديني رشد يدعمه الدليل ويدعمه البرهان ويدعمه المنطق العقلي فلا مبرر على الأكره عليه ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ﴾ وهذا معنى قوله تعالى: ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾ لا نحتاج إلى مسألة الإكراه.

    ثالثاً: الأكره على الدين يخلق أثر معاكس للدين كيف؟! يقول علماء الكلام: نقض الهدف يتنافى مع الحكمة أنت إذا حكيم كل إنسان حكيم يرسم لنفسه أهداف فإذا رسم لنفسه أهداف لا يقوم بعمل يتناقض مع أهدافه لأنه نقض الهدف لا يجتمع مع الحكمة فيكف بالله تبارك وتعالى وهو الحكيم المطلق بما أن الله حكيم فقد أنزل دين والهدف من إنزال هذا الدين أن يتفاعل الناس معه تفاعل قلبي وسلوكي فإذا كان الهدف من إنزال الدين التفاعل معه في مرحلة السلوك فكيف يفرضه بالقوة؟! لا يتحقق التفاعل القرآن الكريم يقول: ﴿إنَّ الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾وقال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ التقوى والانتهاء عن الفحشاء والمنكر لا يحصل إلا مع الصلاة الاختيارية أما الصلاة الإكراهية فلن يتفاعل معها الإنسان حتى يصل إلى مرحلة التقوى أو مرحلة الانتهاء عن الفحشاء والمنكر.
    إذا الإكراه على الدين يشل الدين عن التفاعل معه وإذا أصبح الدين بلا تفاعل كان ذلك نقص للهدف من إنزال الدين ونقض الهدف لا ينسجم مع الحكمة فكيف بالحكيم تبارك وتعالى إذا الإكراه على الدين غير معقول وغير متصور هذا الأمر الأول.
    الأمر الثاني: الآيات التي قرانها كلمة: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ أو كلمة: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ هذه لا تدل على أن الدين سيفرض عليهم بالقوة لا صحيح هم كارهين وجود فئة كارهة لدين لا يدل على أن الدين فرض عليها بالقوة لماذا؟!
    كل إنسان كما يقول علماء العرفان لديه قوتان:
    1.قوة العقل.
    2.قوة القلب.

    وكل قوة لها دور قوة العقل دورها استيعاب المعلومات واستنتاجها إما قوة القلب فدورها أن تكذب أو تصدق أن تشكك أو تتيقن أن تحب أو تبغض أن تفرح أو تحزن إذا قوة القلب ليس لها دور في المعلومات دورها دور وجداني تحب تبغض تصدق تكذب دور العقل ليس له علاقة بالميول والوجدانات دور العقل فقط مع المعلومات يستوعب ويستنتج لكل قوة دور إذا تطابقت القوتان قوة العقل والقلب تحقق الإيمان وإذا تعاكست القوتان لم يتحقق الإيمان، هذا المعنى كيف نفهمه؟!

    مثل ما يقول علماء الأصول علماء الأصول يضربوا مثال في مبحث حجية القطع في الأصول يقولون: لو فرضنا أنت ليلة من الليالي قالوا لك جزأك الله خير نحن سوف نترك معاك جنازة، جنازة إنسان ميت سوف نتركها معاك في الغرفة ونطفئ الكهرباء وينغلق الغرفة عليك أنت والجنازة ونقول لكم مع السلامة أنت تستطيع؟! تستطيع أن تستقر في الغرفة مع هذه الجنازة ليلة كاملة لا تستطيع لماذا؟! حتى لو كنت إنسان شجاع تضل طول الوقت هنا وهنا لماذا؟! لأنه لقلبك لم يتطابق مع عقلك هنا قوة القلب لا تتطابق مع قوة العقل قوة العقل تقول هذا ميت جثه هامدة لا يمكن أن يحدث لي ضرر 100% لكن قوة القلب لا تطاوع قوة العقل وتبدأ الهواجس والمخاوف تثور في القلب حتى يمتنع الإنسان عن هذا العمل فهنا لم يتطابق قوة القلب مع قوة العقل.

    كذلك من ناحية الدين أحياناً يقتنع الإنسان بالفكر الديني 100% يعني الأدلة تدل على أن هذا الفكر مثلاً: ولاية أمير المؤمنين مرة كنت أنا في دولة الإمارات أحد المشايخ أخواننا أهل السنة استمريت معه أيام حول ولاية الإمام أمير المؤمنين استعرضنا الأدلة واستعرضنا البراهين وخرجنا ودخلنا ولم تبقى حجة ولا عذر أبداً إلى أن وصلنا إلى النهاية قال: كلامك صحيح لكن قلبي يقول معقول دولا الصحابة كلهم على خطئ وأنتم على صح إذا أقول أنتم على صح والصحابة على خطئ لأنه الصحابة لم يقدموا علي أنا هذا الذي يترك قبلي لا يؤمن ولا يدعن يا أصحابة يا علي أبن أبي طالب لكنه أختار الصحابة.
    إذاً فبالنتيجة: قد يرى الإنسان الفكر الديني صحيح 100% بحسب قوة العقل لكن قوة القلب لا تطيع قوة العقل لعوامل أخرى فلا يتحقق الإيمان المطلوب هنا قالت الآية القرآنية: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ الأنفس يعني العقول أدركت أنه صح لكن القلوب لم تطع العقول ﴿وَجَحَدُوا بِهَا﴾ إذاً وصلنا إلى النتيجة أن الإنسان قد يرى الفكر صحيح لكنه يكرهه من داخل قلبه مع أنه فكر صحيح لعوامل عاطفية أو لعوامل نفسية من هنا جاءت الآية المباركة: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ «يعني ليظهر بالفكر وبالمنطق» وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ «يعني كراهة قلبية»﴾.
    إذاً هذا التعبير لا يدل على أن الدين سيفرض يوم الظهور بالقوة سيفرض بالمنطق العقلي سينتشر الدين والفكر الإسلامي وإمامة علي وآل محمد كل ذلك بالمنطق العقلي لكن الفئة الكافرة لن تؤمن بذلك لا لأنه مفروض عليهم بل لأنه الكراهة نابعة من عوامل نفسية أو ثقافية تراكمية إلى غير ذلك، إذاً هذه الآيات لا تدل على أن يوم الظهور يوم أنتصار عسكري بل هو يوم انتصار فكري كما أتضح ذلك من خلال الروايات الشريفة.



يعمل...
X